الاثنين، يونيو 14، 2010

جَلادُ السَّماء

يغتالُني الوقتُ في عبورِه السّريع المرير، دون استئذانٍ، كخازوقٍ عثمانيٍّ يُدَقُّ بطيئًا في جسدي المحكومِ بالموت!

.

الإنسانيّةُ بأسرِها جسدٌ غضٌّ محكومٌ بالموتِ والفناء منذ الولادة، وما البكاءُ الأوّلُ في إشراقةِ الوجود بعدَ ظلمةِ الرّحمِ، إلا دليلاً على حكمِ الإعدامِ المُبرَمِ في كلِّ ذي جَسَد.

.

وأنا واحدٌ من هؤلاءِ السّائرينَ في طريقِ الموتِ والعدم، والزّمنُ خازوقُنا الأوحد، دون منازع. فأمّا الشّمسُ فهي مطرقةُ جلادِه القبيح، تُشرقُ فتقرع ناقوسَ رنّةٍ جديدةٍ جرّاءَ ضربةٍ من مطرقة هذا القبيح، وتغربُ وهي تقرعُ ناقوسًا جديدًا معلنةً أوانَ ضربةِ النّهارِ الثّانية!

.

وجلادُ هذا الكون، لا يرحمُ أحدًا... ولا يعرفُ الشفقةَ ولا الانتظار!

.

جميع الكائنات محكومةٌ، وحكمه الظّالم لا يفرّقُ بين ذبابةٍ وطفلة، بين صرصورٍ ومثقّفٍ كبير!

.

وأوّل من حُكمَ بخازوقه رحمتُه التي ما زالت تنزفُ حتّى اليوم، ولعلّك وأنتَ تنظرُ الغروب ترى بعضًا من دمائها معلّقةً بين الأرضِ والسّماء، يا لهُ من جلادٍ قاس بلا قلب أو ضمير!

.

بعضُ من حُكمَ بالموتِ يقعُ صريعًا بعدَ ضرباتٍ عدّة على كعبِ الخازوق، هؤلاء لا أنفاسَ لهم، وخشبة الخازوق الطّويلة الممتدّة عبر السّنين، لا تفترسُ من أجسادِهم سوى القليل! بيدَ أنّها تمضي تمزّقُ، ليلاً نهارًا، من أجسادِ أصحابِ النّفسِ الطّويل!

.

السّبت 31 تشرين الأوّل 2009 (بيروت)

ليست هناك تعليقات: