الجمعة، أكتوبر 05، 2012

لكم جبرانكم ولي جبراني للباحث جان دايه

نشرَ البحّاثة جان داية كتابًا سمّاه "لكم جبرانكم ولي جبراني، مع خمسين نصًّا مجهولًا لجبران"، يهدفُ من خلاله إلى تصحيح أخطاء المؤرّخين والأدباء في ترجمة جبران سيرةً وأدبًا. وقد صدر الكتاب عن منشورات مجلة قب الياس في طبعته الأولى في بيروت سنة 2009.

جاءَ في الصّفحة السّابعة والثّلاثين من كتاب الباحث دايه: "يحتضن متحفُ جبران في بشرّي عدّة دفاتر، تحتوي على مسودّات مقالات وقصائد، ومنها دفتر كُتب على غلافه: "من دفاتر جبران خليل جبران تشرين الأول 1900". وكتب جبران، في الصفحة نفسها، بيتين طريفين من نظمه:

ألا يـــــا مـستـعـير الكـتب دعـني ... فإن إعارتي للكتب عارُ
وجدت كتابي في الدنيا حبيبي ... حبيبي لا يُباع ولا يُعارُ.
ومما ضاعف من غرابة وطرافة البيتين، أنَّ جبران كتبهما ثلاث مرّات في الصّفحة نفسها".
 
يعتقد الباحث دايه كما جاءَ في الاقتباس أعلاه أنَّ هذين البيتين من نظمِ جبران (على حدّ تعبيرِهِ)، وفي الحقيقة يعود البيتان أصلًا إلى الشّاعر التونسيّ محمّد بن خليفة الذي أنشدهما من البحر الوافر (مفاعلتن مفاعلتن فعولن):
ألا يا مستعير الكتب دعني ... فــــإنّ إعـــارتي للكـتب عارُ
فـمحبوبي مــن الدّنيا كـــتابٌ ... وهل يا صاحِ محبوبٌ يُعارُ.

فأمّا نسب هذين البيتين إلى الشّاعر التونسيّ محمّد بن خليفة فوجدناه في كتابِ الفيكونت فيليب دي طرّازي "خزائن الكتب العربيّة في الخافقين"[1]. وما فعله جبران لم يكن أكثر من نسخِ البيت الأوّل وإعادة تركيبِ البيتِ الثّاني. فأمّا كتابة البيتين ثلاث مرّات فهي من عادة الطّلبة في إعادة نسخ أبيات الشّعر المميّزة أو النّصوص التي تلفت أنظارهم!
 
والطّريف في الأمر أنّ مُطالع المخطوطات العربيّة غالبًا ما يعثر على هذين البيتين بصيغ مختلفة، منها:
ألا مَن يستعير الكتب دعني ... فـــإنّ إعــارتي للكتب عار
فـمحبـوبي مـن الـدّنيــــا كـتابـي ... وهل أبصرتَ محبوبًا يُعارُ؟
 
وقد عارضَ التونسيَّ شاعرٌ آخر قائلًا:
ألا يــا مالكًا للكتب عـــرْها ... فما بــــإعارة للكتب عـــارُ
لئن أحببتَ في الدّنيا كتابًا ... فمحبوبُ الأحبّة قد يُزارُ
 
وقد شطر شاعرٌ آخر البيتين بقولِهِ:
"ألا يا مستعير الكتب دعني" ... فلي في الكتب يا صاح افتخارُ
إذا ســــــلواي كــــانت في كـــــتابي ... "فـــــإنّ إعـــــارتي للــكتب عــــــــــــــــارُ"
"فــمحبوبي مــن الدّنيا كــتابٌ" ... ومجدي الــكتب لا مجدي اتّجارُ
فهلْ شاهدتَ مجدًا بــيعَ بخسًا ... "وهـــل أبـــصرتَ محبوبًا يُــــــــــــعارُ؟"[2].

عن موقع الحوار المتمدّن.



[1]  المجلّد الثّالث، ص 927.
[2]  راجع أبيات الشّعر في الفصل الخامس عشر "الكتب المستعارة" من المرجع السّابق، ص 927 – 928.

ليست هناك تعليقات: