الجمعة، أكتوبر 31، 2008

الدّراسة وما بعد!

الخميس 27 آذار 2003 (جبل لبنان)
.
لم أتزحزحْ عن الفراشِ حتّى الثّانية بعدَ الظّهر، وهذا يعني أنّي داومتُ في عملي هذا، أي النّوم، اثنتي عشرة ساعةً بالتّمام والكمال. وهذا يعني أيضاً أنّي قضيتُ نصفَ يومٍ في غياهبِ النّسيان والموت! ويجرّني هذا معه إلى التفكيرِ في رغبتي في الموت مقدار رغبتي في الحياة. لكنّي نكزتُ رأسي وقلتُ: دع عنكَ هذا الاستنتاج الخاطئ، وتذكّر يا هذا أنّك استيقظتَ رغماً عن أنفِك لا بل نهضتَ من السّرير ورأسُك تؤلمُك من كثرة الرّقاد، ولم تفعلها حبّاً في الحياةِ أو العملِ أو ما تبقّى عليك من واجب، بل قمتَ به لأنّك أردتَ الهربَ من آلامِك... كفى! كفى! اسكتْ!!! دعني أُكمل: باختصار كلُّ ما جاءَ في تلك المقدّمة يعني أنّك تحبُّ الموتَ أكثر من الحياة، فبئسَ حياةٍ هي حياتك وطوبى لموتك فأنت تستحقّه عن جدارة.
.
شارفتْ سنتي الجامعيّة الأخيرة على الانتهاء، وما زلتُ أشعرُ بأنّي فتىً يلهو مع أقرانِه في لعبةِ الحياةِ هذه، ولستُ مستعدّاً لمواجهة أيّ شيء. ماذا تعني الشّهادة؟ أليست إنذاراً يخبرك أنَّ العملَ على الأبوابِ يقرع؟! من كثرةِ التفكير في الأمرِ شعرتُ بعجزي لا بل رأيتني شيخاً لم يتعدَّ الجيلَ الثّالث من عمره، شيخاً هرماً تطعنهُ الحياةُ كلَّ يومٍ وكأنّها لم تقتبلْه ولا تريدُ أن تراه. تمزّقه بمخالبها وتفترسُه بأنيابها وتجعلُ منه عظاماً ملقيّةً أمام نسور الأزمان. في الحقيقة أنا نفسي أحسُّ مثلها، وينتابني الشّعورُ نفسُه وكنتُ أتخيّلُ الحياةَ كلَّ لحظةٍ رجلاً فأطعنُه بخنجري المسنون المعقوف ولا أكفُّ عن الطّعنِ حتى أرى الموتَ بين أجنابِها، أطأها برجليَّ كما وطئ المسيحُ الموتَ... فأمّا وهي ليست كذلك، ليست على ما أتصوّره في مخيّلتي، فهذا مجرّد أضغاث أحلام يؤلمني جداً معرفتها على ما هي عليه في الواقع!!!

ليست هناك تعليقات: