الاثنين، نوفمبر 24، 2008

في روما!

الخميس 14 تشرين الأوّل 2004 (روما)
.
ها قَدْ صرتُ في روما المدينة الخالدة ويومي هذا فيها هو الحادي والستّون! تمضي السّاعات وتفرُّ الأيّام فرار طائرٍ أسير من غربة قفصٍ باردْ. أعدتُ الكتابةَ مرّتين، واحدة في مطلعِ هذا النّهار والثّانية عندَ أقدامِه الآن. أمرُ الدّراسة صعبٌ في وطنٍ ليس بوطني، ولغة ليست لغتي، وغربةٌ قتّالة تفتُك بجسدي طوال شهرين، كضارٍ جاثمٍ على فريسته يمزّق بقايا اللحمَ ويتركها رفاتاً قليلا. ليس في جيبي إلا القليل القليل، بضع قطعٍ نقديّة معدنيّة تبلغُ 7 إِوْرو و67 سنتاً تمكّنني من الحصول على وجبة ونصف في مطاعم المَكْدونالدز الشّهيرة! غداً سيصلُ صديقي من بلدتي مُحَمَّلاً بوصيّتي الأخيرة التي تركتُها على الهاتف عندما جمعني بأمّي الحبيبة. سيحملُ لي كتباً وطعاماً ونقودا!
.
حصلتُ على هذه الغرفة الصّغيرة، التي لا تسعُ غريباً مثلي، في مبنىً كبير يقع في شارعِ بوتشيا الطّويل الرّازح تحت وطأة الغرباء! السّماءُ في الخارج تعصفُ بي وبكلِّ ما تحتها، والبرقُ يسبقُ الرَّعدَ هابطاً على الأرضِ بعنفوانٍ يمزّقه صوتُه الآتي من بعيد. وحُبيبات المطر تنهمرُ من عيون السّحبِ حزناً على فراقِ الصّيفِ وألوان الحياة والأوراق والثّمار وابتسامات لا تُعدّ ولا تُحصى.

ليست هناك تعليقات: